أخبار

من يقتل شيماء جمال للمرة الثانية ؟.. العائلة تتصارع فوق القبر.. والحقيقة تُدفَن حيّة

قبر شيماء جمال يتحوّل إلى ساحة حرب… والكلٌ يصرخ: أنا الضحية !

جريمة شيماء جمال: من الدم إلى الدراما… ومن الحقيقة إلى الفوضى

متابعة / مروان محمد

“اللي حصل مش قتل… ده تصفية جسدية.”.. بهذه الكلمات العارية من المجاملة بدأت والدة الإعلامية شيماء جمال فصلًا جديدًا من الحكاية التي رفضت أن تُدفن، رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على الجريمة التي هزّت مصر والعالم العربي.

القضية التي بدأت في يونيو 2022 كواقعة قتل مروعة تحولت، بمرور الوقت، إلى مادة درامية، ثم إلى ساحة معارك شخصية على السوشيال ميديا، تختلط فيها الخلافات القديمة بالرغبة في الظهور، وتذوب فيها الحقيقة وسط ضجيج الاتهامات والفضائح.

اليوم… لم يعد أحد يسأل: كيف قُتلت شيماء؟.. بل: كيف يستمر قتلها حتى بعد موتها؟ .

من القاضي إلى المشنقة: نهاية القاتل وبداية الضجيج

القاتل كان زوجها، عضو مجلس الدولة السابق، الذي ارتبط بها زواجًا عرفيًا سنتين وشهرين انتهت بخلافات متصاعدة، ثم بانفجار مروع انتهى بجريمة خطط لها بسبق الإصرار.

رواياته عن “الدفاع الشرعي” لم تنطلِ على أحد؛ فالتحقيقات كشفت التخطيط، وإخفاء الجثة، والاستعانة بشريك.

وأخيرًا… أُعدم هو وشريكه بعد تأييد الحكم من محكمة النقض، وطُويت صفحة الجاني.. لكن صفحة شيماء… لم تُطوَ أبدًا.

من الجريمة إلى الشاشة: الدراما التي أعادت إشعال القضية

ظهور مسلسل “ورد وشوكولاتة” كان كصبّ البنزين على جمر لم يبرد قط.. الجمهور ربط بين أحداث العمل وقصة شيماء رغم نفي صنّاعه، ومع كل حلقة كانت القضية تعود إلى الواجهة بقوة أكبر… وبضوضاء أشد.. هنا بدأ فصل جديد تمامًا.

ساحة حرب مفتوحة: أم وصديقة وأب… ودمار لا يتوقف

١. الصديقة: اتهامات تهزّ الذاكرة:

ظهرت علياء، صديقة شيماء، لتقول أمام ملايين: “كانت تبتز زوجها… كانت تهدده… وكانت مستعدة تدوس على أي شيء عشان تاخد اللي عايزاه”.. تصريحات أعادت فتح القبر، لا الحقيقة.. الجمهور رأى فيها سكينًا مغروسًا في ظهر صديقة ميتة.

 

٢. الأم: دموع… وغضب… وقصف يومي

والدة شيماء ردت عبر موجة من التصريحات لا تهدأ: “علياء سرقت بنتي وهي عايشة… سرقت دهبها. فماذا ستقول عنها بعد موتها؟”

ومع كل ظهور للأم، كانت النيران تتسع والضجيج يعلو.لم تعد المسألة دفاعًا عن ابنة… بل معركة بلا سقف، مفتوحة على كل الاتهامات.

٣. الأب: دخول مفاجئ بقنبلة إعلامية

ثم ظهر الأب فجأة ليصدم الجميع باتهامات لوالدة شيماء، مؤكدًا أن عليها “قضايا آداب”.. تصريح قلب الرأي العام، وأدخل العائلة في نفق مظلم تُكشف فيه أسرار لا تخص ابنة رحلت… بل أشخاصًا أحياء يتقاذفون الفضائح بلا أي اعتبار.

رأي اللواء أشرف عبدالعزيز… الصاعقة التي تكشف ما وراء الضجيج

يقول اللواء أشرف عبدالعزيز، الخبير الأمني والاستراتيجي، تحليلًا للمشهد: “القضية خرجت من نطاق القانون إلى نطاق الانفلات المعنوي. نحن أمام حالة قتل ممتدة… لا يقوم بها الجاني، بل يقوم بها القريب، والصديق، والمتابع. شيماء تُستخرج من قبرها كل يوم، ليس لطلب العدالة… بل لنهش ما تبقّى منها.”

ويضيف بصياغة صادمة: “هناك من يحاول إعادة هندسة الجريمة إعلاميًا. كل طرف يحاول بناء رواية تبرئه أو تلمّعه. والضحية… لا صوت لها. هذه ليست قضية قتل فقط؛ إنها حرب سرديات، أقرب إلى ‘تحايل معنوي’ يدفع الجمهور لتصديق ما يُقال لا ما حدث.”

كلمات اللواء أشرف تكشف كيف تحولت جريمة فردية إلى فوضى اجتماعية كاملة: كل شخص يروي نسخته، وكل طرف يتهم الآخر، وكل تصريح يتحول إلى صاروخ جديد في ساحة لا يحكمها سوى الترند.

رؤية د. إيناس عبدالعزيز: الجريمة الثانية أكبر من الأولى

توضح د. إيناس عبدالعزيز، خبيرة الأمن الرقمي: “المأساة الحقيقية ليست في القتل… بل في إعادة تدوير الجريمة كـ ‘محتوى’. شيماء لم تُدفن رقميًا؛ كل ضغطة مشاركة تعيدها من القبر بطريقة أبشع.”

وترى أن السوشيال ميديا “تنتج جريمة جديدة لا يعاقب عليها القانون… رغم أن آثارها النفسية والعائلية تمتد لسنوات.”

القضية لم تعد قضية قتل… بل قضية مجتمع كامل

تطورت القصة عبر أربع مراحل:

١) الجريمة
٢) المحاكمة
٣) تحويلها لدراما
٤) ثم الفوضى الإلكترونية التي خلخلت صورة كل الأطراف

لم يعد أحد يتعامل مع شيماء كضحية فقط، بل كقصة قابلة للقصّ واللصق، يتم تطويرها مثل المسلسلات، وتعديلها مثل العناوين الصحفية.. هذا أكبر خطر: أن يتحول الإنسان إلى “ترند”.. ثم يتم طحنه حتى بعد الموت.

الخلاصة الصادمة: من يقتل شيماء اليوم؟

لا أحد ينكر أن زوجها — القاضي — هو القاتل الأول.. لكن القتل لم يتوقف عنده.

اليوم تُقتل شيماء بواسطة:

– صديقة تشوه ذكراها
– أم غارقة في ألم يشتعل كل يوم
– أب يرفع سيف الفضيحة
– متابعين يتغذّون على كل رواية
– ودراما تستثمر في الجرح المفتوح

ماتت شيماء جمال مرة واحدة في يونيو 2022..  لكن المجتمع يقتلها كل يوم في 2024.. ويبقى السؤال الذي سيبقى عالقًا لسنوات: كيف نطالب بالعدالة لقتيلة… بينما نحن نُعيد ُقتلها بأيدينا .

 

زر الذهاب إلى الأعلى