تقارير

الحرب الجديدة لا تحتاج حدودًا.. تحتاج فقط شاشة اتصال إنترنت ومحتوى مُصمّم بعناية

العالم يدخل مرحلة مختلفة تمامًا..  الهاتف أخطر من أي سلاح.. والمحتوى أسرع من أي جيش والوعي أه
متابعة/مروان محمد
خلال قرون طويلة، كانت الإمبراطوريات تسقط تحت وقع السيوف والحروب والفتوحات العسكرية، أما اليوم فالسيوف اختفت والحدود لم تعد تُخترق بالدبابات، بل بـ إشعارات هاتف يضغط عليها مراهق في غرفة مغلقة، العالم تغيّر، وميادين القتال تغيّرت معه، والخصوم الجدد لا يحملون بنادق، بل محتوى، بيانات، وتحليلات نفسية.
الفكرة التي يعرفها الخبراء الآن بسيطة:
الدول قد تسقط من تطبيق… قبل أن تسقط من حرب.
الهواتف.. منصات لحروب غير مرئية
لم يعد الصراع بين دول يعتمد على القوة العسكرية فقط، بل على القدرة على السيطرة على العقول وتشكيل الرأي العام بطرق ذكية، هادئة، وغير مباشرة. كل فيديو قصير، كل صورة، كل منشور يبدو عاديًا.. قد يكون جزءًا من حملة استهداف واسعة لإعادة تشكيل وعي مجتمع كامل دون أن يشعر.. هذه ليست مبالغة، بل واقع تؤكده تجارب عالمية صادمة.
رأي د. إيناس عبد العزيز – خبيرة الأمن الرقمي:
“الحروب الحديثة تُطلق من خوادم وليس من مدافع”**
قالت د. د. إيناس عبد العزيز – خبيرة الأمن الرقمي، إن أخطر ما يواجه الدول اليوم هو استغلال البيانات، مشيرة إلى فضيحة Cambridge Analytica التي ما زالت تُدرّس عالميًا باعتبارها نقطة التحول الكبرى في فهم قوة البيانات.
ما الذي حدث؟
•شركة واحدة جمعت بيانات 87 مليون مستخدم من فيسبوك.
•حلّلت ميولهم، شخصياتهم، نقاط ضعفهم وصدماتهم النفسية.
•جهّزت محتوى مخصّصًا لكل شخص لضبط طريقة تفكيره.
•أثّرت فعليًا في نتائج انتخابات ورأي عام دول كبرى.
وأضافت خبيرة الأمن الرقمي، بأن ما حدث في تلك القضية ليس اختراقًا للمعلومات، بل اختراقًا للعقول..وهذا أخطر ألف مرة.
وأوضحت د. إيناس أن هناك أمثلة أخرى تؤكد أن العالم يدخل عصر “الهندسة النفسية الرقمية”، مثل:
•الروبوتات الوهمية (Bots) التي تصنع ترندات مزيفة.
•جيوش اللجان الإلكترونية القادرة على إسقاط سمعة مؤسسة خلال ساعات.
•التطبيقات التي تجمع بيانات الموقع والميول والسلوك دون أن يعرف المستخدم.
•الفلاتر والتحديات التي تغيّر معايير الجمال، السلوك، والجرأة لدى المراهقين تدريجيًا.
ووجهت د. إيناس تحذيرا هاما قائلة : «الجيل الجديد يتربى على محتوى مجهول المصدر..وهذا أخطر من أي غزو خارجي».
رأي اللواء أشرف عبد العزيز – خبير الأمن والاستراتيجيات:
اللواء أشرف عبد العزيز
“كما سقطت إمبراطوريات بالسيوف.. ستسقط دول من الهواتف إذا غاب الوعي”*
في ذات السياق،أكد اللواء أشرف عبد العزيز، أن الأمن القومي، بأنه لم يعد مرتبطًا فقط بالحدود والسلاح، بل بـ حماية الوعي الجمعي.
وأشار الخبير الأمني، إلى أن المراهق اليوم يمكنه، بإعادة نشر فيديو أو بث مباشر، أن يصنع موجة غضب شعبية، أو حملة تشويه أو فوضى عامة من غير ما يدرك خطورة ما يفعله.
وأوضح اللواء أشرف عبد العزيز بأن لدينا جيل كامل يجلس على قنبلة معلوماتية، يضغط عليها بإصبعه، ويستقبل تأثيرها بعقله.
وحذر اللواء أشرف عبد العزيز من وجود بعض التطبيقات التي تستغل مراهقين صغارًا لترويج أفكار أو تصدير معارك اجتماعية وهمية تُضعف ثقة الناس في مؤسسات الدولة وتفكك الروابط المجتمعية.
أخطر ما في المشهد.. أنه يحدث بصمت
الهاتف لا يصدر صوت انفجار، لكنه قادر على إحداث انقسام مجتمعي، وتدمير سمعة شخصية عامة، وخلق ذعر جماهيري، ورفع نجم… أو إسقاط مؤسسة، وتغيير قيم جيل كامل.. كل ذلك بـ فيديو مدته 10 ثوانٍ.
الدرس الذي يكشفه العالم الآن كما سقطت إمبراطوريات بالسيوف.. قد تسقط دول اليوم بسبب بيانات تُباع، أو تطبيقات بلا رقابة، أو ترندات تُصنع، ومراهقين يُستهدفون بذكاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى