
في لحظة اختلط فيها الرصاص بالدم، وسقطت كل الشعارات السياسية والدينية، ظهر رجل واحد ليفعل ما عجزت عنه الخطابات الدولية.. أنقذ البشر وكشف زيف السرديات المتطرفة.
مواطن أسترالي من أصول سورية، مسلم الديانة، تحوّل خلال دقائق إلى حديث العالم، بعد أن أوقف بيديه مجزرة إرهابية كانت تستهدف احتفالًا يهوديًا في شاطئ بوندي بسيدني.
لم يكن اسمه معروفًا، ولم يسعَ لبطولة، لكنه اليوم أصبح صفعة إنسانية مدوية في وجه كل من يختزل الصراع في هوية أو دين.
الحدث: هجوم دموي.. ورجل يركض عكس الجميع

مساء الأحد 15 ديسمبر، وأثناء احتفال يهودي بعيد حانوكا على شاطئ بوندي، دوّت طلقات الرصاص.
فوضى، صراخ، دماء، وهروب جماعي.
الهجوم الإرهابي أسفر عن مقتل 15 شخصًا وإصابة العشرات، في تلك اللحظات، كان المنطق الوحيد هو النجاة.
لكن وسط هذا المشهد، وثّق مقطع فيديو بثته هيئة BBC رجلًا يندفع من خلف سيارة، يتجه مباشرة نحو أحد المسلحين، ينتزع منه السلاح بالقوة، ويجبره على التراجع.. ذلك الرجل لم يكن شرطياً- لم يكن مسلحًا-كان مدنيًا أعزل.
الرصاص لم يوقفه.. والبطل أُصيب وهو ينقذ الآخرين
الرجل هو أحمد الأحمد (43 عامًا).. أثناء تدخله، أُطلقت عليه عدة رصاصات أصابت كتفه ويده، ونُقل على الفور إلى المستشفى، حيث خضع لجراحات عاجلة، وأُعلن أن حالته مستقرة.. لكن المؤكد أن تدخله أنقذ أرواحًا لا تُحصى، وأوقف نزيفًا كان مرشحًا للتصاعد.
من هو أحمد الأحمد؟.. الحقيقة التي أربكت الجميع
التحقيقات كشفت أن أحمد الأحمد مسلم الديانة ومن أصول سورية، وُلد في بلدة النيرب بمحافظة إدلب ودرس في جامعة حلب، كما أنه خدم سابقًا في الشرطة السورية وغادر سوريا واستقر في أستراليا عام 2006، إضافة إلي أنه يعمل بائع فاكهة في سيدني وأب لطفلتين ويحمل الجنسية الأسترالية.
تصريحات والد أحمد الأحمد
والده قال لوسائل الإعلام: “رأى الدماء ونساءً وأطفالًا على الأرض… لم يفكر من هم، فقط تصرّف.”
كما علق عمه من سوريا قائلا: “هو فخر لقريتنا، ولسوريا، وللمسلمين، وللعالم كله.”
احتفاء عالمي.. وتبرعات بالملايين
العالم تحرك بسرعة:
الرئيس الأمريكي
•دونالد ترامب: “رجل شجاع للغاية… أكن له احترامًا كبيرًا.”
رئيس وزراء أستراليا
•أنتوني ألبانيز (رئيس وزراء أستراليا): “هؤلاء أستراليون يندفعون نحو الخطر لمساعدة الآخرين… إنهم أبطال.”
رئيس وزراء نيو ساوث ويلز
•كريس مينز (رئيس وزراء نيو ساوث ويلز):
“أكثر مشهد لا يُصدق رأيته في حياتي.”
كما تخطت حملة تبرعات لدعمه عبر GoFundMe مليون دولار أسترالي، بينها تبرع ضخم من ملياردير أمريكي.
التداعيات السياسية.. حين تسقط الرواية
الحدث لم يكن إنسانيًا فقط.. بل سياسيًا بامتياز.
قبل الهجوم بشهور، كانت أستراليا قد اعترفت رسميًا بدولة فلسطين، وبعد الحادث مباشرة، خرج بنيامين نتنياهو متهمًا هذا القرار بأنه “صبّ الزيت على نار معاداة السامية”.
لكن الحقيقة جاءت صادمة: مسلم سوري ينقذ يهودًا… ويتلقى الرصاص بدلًا عنهم.
رئيس الوزراء الأسترالي رد بوضوح: “لا أرى أي صلة بين الاعتراف بفلسطين وهذا الهجوم.. حل الدولتين هو الطريق الصحيح.”
هنا، انهارت محاولة الربط السياسي، وتحوّل المشهد من اتهام أيديولوجي إلى فضيحة سردية.
الخلاصة: ما فعله أحمد الأحمد أخطر من رصاصة
بطولة أحمد الأحمد لم تُنقذ أرواحًا فقط، بل عرّت خطاب الكراهية، وأثبتت أن الإنسانية لا تُصنّف، ولا تُختزل في دين أو عرق.
في شاطئ بوندي.. سقط الإرهاب، وسقطت معه روايات التطرف، وبقي إنسان واحد.. ركض عكس الجميع، فأنقذ الجميع.
