أخباردين

من علامات الساعة الكبري وأشد الفتن.. المسيح الدجال

 

بقلم: د. ياسرجعفر

رسول الإنسانية صلي الله عليه وسلم من خوفه علي أمته ووقوعها في الفتن وأشد الفتن ، وهي فتنه الدجال تنبأ لأمته بعلامات للدجال وأرشد الأمة الوقاية منه ، ولفظ الدجال ،الدَّجَلُ لُغةً: تمويهُ الشَّيءِ وتَغْطِيَتُه، وسُمِّيَ الكَذَّابُ دَجَّالًا لأنَّه كذَّابٌ مُموِّهٌ، وأصلُ (دجل) يدُلُّ على التغطيةِ والسَّتْرِ، فكُلُّ شَيءٍ غَطَّيتَه فقد دجَّلْتَه، واشتِقاقُ الدَّجَّالِ مِن هذا؛ لأنَّه يُغَطِّي الأرضَ بالجَمعِ الكثيرِ، ولفظ الدجال يطلق علي الساحر لانه دجال ومشعوذ ويخفي الحقائق بالوهم والخيالات وهذه الأعمال من أشد الفتن الذي يفتتن بها اغلبية الناس ولو رجعنا لقصة سيدنا موسي عليه السلام ومواجهته مع السحره بعد أن أوهموا الجميع بالكذب والخيالات الكاذبة، سيدنا موسي شعر بالخوف بسبب شدة السحر وعمل السيميا وهي من أشد انواع السحر في قلب الحقائق، قال تعالي؛(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ) (67) .

( فأوجس في نفسه خيفة موسى ) ، فالإيجاس استشعار الخوف أي وجد في نفسه خوفا ، فإن قيل : إنه لا مزيد في إزالة الخوف على ما فعله الله تعالى في حق موسى عليه السلام فإنه كلمه أولا وعرض عليه المعجزات الباهرة كالعصا واليد ، ثم إنه تعالى صيرها كما كانت بعد أن كانت كأعظم ثعبان ، ثم إنه أعطاه الاقتراحات الثمانية وذكر ما أعطاه قبل ذلك من المنن الثمانية ثم قال له بعد ذلك كله : ( إنني معكما أسمع وأرى ) فمع هذه المقدمات الكثيرة كيف وقع الخوف في قلبه ، والجواب عنه من وجوه : أحدها : أن ذلك الخوف إنما كان لما طبع الآدمي عليه من ضعف القلب ، وإن كان قد علم موسى عليه السلام أنهم لا يصلون إليه وأن الله ناصره ، وهذا قول الحسن .

وثانيها : أنه خاف أن تدخل على الناس شبهة فيما يرونه فيظنوا أنهم قد ساووا موسى عليه السلام ويشتبه ذلك عليهم وهذا التأويل متأكد بقوله : ( لا تخف إنك أنت الأعلى ) وهذا قول مقاتل ، ونبي الله موسي احس بالخوف من كذب الدجالين المشعوذين سحره فرعون وكان الاطمئنان من الله (قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ) (68) انت الأعلي بالحق وبكلمات الله، وهم أصحاب الباطل والشعوذه والدجل هم علي نهج المسيخ الدجال، لأنهم نفس المدرسة مدرسة الباطل والتمويه وقلب الحقائق وقلبوا حبالهم الي حيه تسعي وفي الحقيقه سحر أعين في أعمال السيميا في أعمال السحر بخيالات واوهام.

كذالك الدجال من أخطر واشد الفتن علي الاطلاق وحذرنا منه رسول الإنسانية صلي الله عليه وسلم ففي الحديث الذي رواه أبو بكر الصديق: (الدَّجَّالُ يخرجُ من أرضٍ بالمَشرقِ ، يُقالُ لها : خُراسانَ يَتبعُه أقوامٌ كأنَّ وجوهَهُم المَجانُّ المطرَّقةُ) صحيح الترمذي .

ما مِن نبيٍّ إلَّا حذَّر أمَّتَه الدَّجَّالَ؛ فهو أعظمُ فِتنةٍ ستَمُرُّ على البشريَّةِ، فمَن أدرَكَها ثمَّ حُفِظ منها فهو الموفَّقُ مِن اللهِ سبحانه وتعالى.

وفي هذا الحديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “الدَّجَّالُ”، أي: المسيحُ الدَّجَّالُ الَّذي يَدورُ الأرضَ في أربَعين يومًا، ويَتبَعُه أعدادٌ مِن يهودِ أصبَهانَ ثمَّ يَقتُلُه المسيحُ عيسى ابنُ مريمَ، ويَقتُلُ المسلِمون اليهودَ مِن أتباعِه، “ويَخرُجُ مِن أرضٍ بالمشرقِ، يُقالُ لها: خُراسانُ”، هي بلادٌ بِشَرقِ العِراقِ، “يَتبَعُه أقوامٌ”، قيل: المغولُ واليهودُ، “كأنَّ وُجوهَهم المَجانُّ المُطْرَقةُ”، هي التُّروسُ المُغطَّاةُ بالجِلدِ، والمعنى: أنَّ وُجوهَهم عَريضةٌ، ووَجناتِهم مُرتفِعةٌ؛ فتِلك صِفَتُهم.

وفي الحديثِ: عِظَمُ فِتنةِ الدَّجَّالِ، وتأثيرُه في غيرِه، واتِّباعُهم له.

وفي روايه  : أبو سعيد الخدري:(حَدَّثَنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَدِيثًا طَوِيلًا عَنِ الدَّجَّالِ، فَكانَ فِيما حَدَّثَنَا به أنْ قالَ: يَأْتي الدَّجَّالُ -وهو مُحَرَّمٌ عليه أنْ يَدْخُلَ نِقَابَ المَدِينَةِ- بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتي بالمَدِينَةِ، فَيَخْرُجُ إلَيْهِ يَومَئذٍ رَجُلٌ هو خَيْرُ النَّاسِ -أوْ مِن خَيْرِ النَّاسِ- فيَقولُ: أشْهَدُ أنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذي حَدَّثَنَا عَنْكَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَدِيثَهُ، فيَقولُ الدَّجَّالُ: أرَأَيْتَ إنْ قَتَلْتُ هذا، ثُمَّ أحْيَيْتُهُ؛ هلْ تَشُكُّونَ في الأمْرِ؟ فيَقولونَ: لَا، فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ، فيَقولُ حِينَ يُحْيِيهِ: واللَّهِ ما كُنْتُ قَطُّ أشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي اليَومَ، فيَقولُ الدَّجَّالُ: أقْتُلُهُ فلا أُسَلَّطُ عليه) صحيح البخاري .

وفي رواية : عبادة بن الصامت 🙁إنِّي قد حدَّثتُكم عن الدَّجَّالِ ، حتَّى خشيتُ ألَّا تعقِلوا ، إنَّ مسيحَ الدَّجَّالِ رجلٌ قصيرٌ أفحَجُ جعدٌ أعوَرُ مطموسُ العينِ ليس بناتئةٍ ولا حجراءَ ، فإن ألبس عليكم فاعلَموا أنَّ ربَّكم ليس بأعورَ) صحيح أبو داود .

ومِن أوصافِ المسيحِ الدَّجَّالِ أنَّه “رَجلٌ قَصيرٌ، أفْحَجُ”، أي: يُباعِد بينَ رِجلَيهِ عندَ المشيِ كَمِشيةِ المخْتَتنِ، “جَعْدٌ”، أي: صفةُ شَعرِه أنَّه خشِنٌ، “أعوَرُ مَطموسُ العَينِ ليسَ بناتِئةٍ ولا حَجْراءَ”، أي: إنَّه فاقدٌ إحْدى عَينَيهِ، وصِفةُ هذا العُوارِ أنها مَمسوحةٌ ليسَ فيها بُروزٌ ولا غائرةٌ في داخلِ الجَفنِ.

ثمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: “فإنْ أُلبِسَ عَليكم”، أي: فإنِ اشتبَهَ علَيكُم عندَ خُروجِه مِن نِسيانٍ أو لِكَثرةِ ما مَعه مِن فتنٍ؛ “فاعلَموا أنَّ رَبَّكم ليسَ بأعورَ”، أي: إنَّ الدجَّالَ أعورُ، وهي صِفةُ نَقصٍ، والمسيحُ يَدَّعِي الأُلوهيَّةَ، والإلهُ الحقُّ تَنتفِي عَنه صِفاتُ النَّقصِ، وفي حديثٍ آخَر: “ألَا إنَّ المسيحَ الدجَّالَ أعورُ العينِ اليُمنى، كأنَّ عَينَه عِنبةٌ طافيةٌ”، وفي آخَرَ: “الدجالُ ممسوحُ العينِ”؛ فمجموع تِلك الأحاديثِ تُخبرُ بآياتٍ ظاهرةٍ يَشتركُ فيها الناسُ، تُبيِّن لهم كذبَه فيما يدَّعيه من الرُّبوبيَّة، وقد ثبَتَ أنَّ للهِ عزَّ وجلَّ عينًا، والعينُ في الخَلقِ يَجوزُ أن تُفقَدَ، وصِفاتُ اللهِ تعالى لا يجوزُ أن تَفقدَ أبدًا، وقد دلَّ هذا الحديثُ على أنَّ للهِ تعالى عَينَينِ اثنتينِ تليقان بذاتِه وجلالِه وكمالِه.

الوقايه من هذه الفتنه الكبيره قرأه عشرة أيات الأولي من سورة الكهف او أخرها، ففي الحديث الذي رواه أبو الدرداء: (مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ. [وفي رواية] قال شعبة: من آخر الكهف، وقال همام: من أول الكهف، كما قال هشام‌‌) صحيح مسلم .

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى