تقارير

حان وقت المواجهة.. خبيرة أمن رقمي تطلق حملة قومية لحماية أطفال المدارس

متابعة/ مروان محمد
لم يعد ما يحدث داخل بعض المدارس «حوادث فردية» كما يحاول البعض وصفها، بل تحولت الظاهرة إلى جرس إنذار يقرع في وجه مجتمع بأكمله، تحرش بطفل هنا، اعتداء على تلميذة هناك، عامل مدرسة يستغل لحظة غياب الرقابة، أو فرد أمن يختبئ خلف الزي الرسمي ليوقع ضحاياه.. القصص تتكرر، والصدمة واحدة: أطفال في عمر الزهور يتعرضون لجرائم تهدّ كيان الأسرة، وتطعن قدسية المؤسسة التعليمية في الصميم.
اليوم.. قررت د. إيناس عبدالعزيز – خبيرة الأمن الرقمي وسلامة الطفل – أن تكسر دائرة الصمت، بإطلاق حملة قومية لحماية الأطفال داخل المدارس، حملة لا تكتفي بالتحذير، بل تقدّم حلولًا عملية وتطالب المجتمع والدولة بإعلان حالة مواجهة شاملة ضد الظاهرة.
د. إيناس: “إذا سكتنا.. سندفع الثمن جميعًا”
تقول د. إيناس في تصريحها الحاسم: “التحرش داخل المدارس ليس حادثًا عابرًا… بل منظومة خلل تحتاج مواجهة لا مجاملة.
لا يجوز أن ندفن رؤوسنا في الرمال بينما يتعرض أطفال لا تتجاوز أعمارهم ست سنوات لاعتداءات تُدمّر حياتهم للأبد.”
وتضيف: أن الظاهرة مرتبطة بثلاث دوائر: وعي الطفل، رقابة المدرسة، واختيار العاملين، وأن غياب ثقافة الحماية، وعدم تدريب الأطفال على قول “لأ”، هو ما يجعلهم هدفًا سهلًا للمعتدين، بينما تتحمّل بعض المدارس مسؤولية مباشرة بسبب ضعف الرقابة أو التهاون في فحص خلفيات العاملين.
وتؤكد د. إيناس أن حملتها ليست كلامًا مرسلًا، بل مشروع وطني يبدأ بتدريب إدارات المدارس، وتأهيل المدرسين والمشرفين، وتقديم برامج مبسطة للأطفال لحماية أنفسهم من أي تحرش جسدي أو لفظي.
أولويات الحملة القومية لحماية الأطفال
1. توعية الطفل: “جسمي ملكي”
•تعليم الأطفال معنى الحدود الشخصية بطريقة غير مخيفة.
•تدريبات عملية على رفض اللمس غير المريح.
•استخدام مسرح العرائس والقصص والرسوم لشرح «المناطق الخاصة» وطرق الدفاع عنها.
•تشجيع الطفل على التحدث فورًا إذا تعرض لأي موقف يثير خوفه.
2. رقابة المدارس… لا مجاملة بعد اليوم
•منع وجود أي فرد مع الأطفال في غرفة مغلقة دون إشراف.
•تركيب كاميرات مراقبة تغطي الممرات والمناطق الحساسة.
•تواجد مشرفين مدربين نفسيًا وسلوكيًا.
•تفعيل نظام «بلاغات سريعة» داخل المدرسة لإبلاغ الإدارة فورًا بأي اشتباه.
3. اختيار العاملين… ليس كل من يبحث عن وظيفة يصلح للعمل مع الأطفال
•ضرورة إجراء سجل جنائي وتحريات أمنية للعمال والسائقين والمشرفين.
•اختبارات سلوكية ونفسية قبل التعيين.
•دورات إلزامية في التعامل مع الأطفال.
•إنهاء عهد “تعيين الأقرب أو الأسهل”… واستبداله بمعايير صارمة تحمي المدرسة قبل الطفل.
4. الدعم النفسي… جرح الطفل لا يراه أحد
•توفير أخصائيين نفسيين داخل كل مدرسة.
•جلسات دعم للضحايا ولأولياء الأمور.
•خطة تعامل فورية مع أي طفل يتعرض لتحرش تمنع تحول الأزمة إلى صدمة مستمرة.
الرأي العام يسأل: إلى متى؟
لن يتغير شيء إذا تعاملنا مع كل حادث باعتباره «استثناء».. الحقيقة التي يجب الاعتراف بها: هناك ثغرات واضحة داخل إدارات المدارس وبعض العاملين تستغل ضعف الرقابة.
ولذا فإن د. إيناس تؤكد: “المواجهة الآن مسئولية مجتمع كامل… وليست مسئولية القانون وحده.. لا نريد بكاءً على ضحايا جدد، بل إجراءات تمنع سقوط ضحايا من الأساس.”
حان وقت المواجهة
الأطفال ليسوا أرقامًا في محاضر الشرطة… ولا قصصًا على صفحات السوشيال ميديا.. كل طفل يُعتدى عليه يعني أسرة مدمرة… وثقة مكسورة… ومجتمعًا يدفع الثمن.. ولذلك تطالب الحملة القومية كل الأسر والمدارس بأن تكون الرسالة واضحة:“لن نصمت بعد اليوم… حماية الطفل تبدأ الآن.
 اللواء أشرف عبدالعزيز حول حماية الأطفال
اللواء أشرف عبد العزيز
قال اللواء أشرف عبد العزيز الخبير الأمني والاستراتيجي: “حماية الأطفال ليست مهمة اجتماعية فقط.. بل مسؤولية أمن قومي بكل ما تعنيه الكلمة.
وأضاف: ” فالطفل الذي نتركه اليوم بلا رعاية، أو بلا ضوابط رقمية، أو بلا بيئة آمنة.. قد يصبح غدًا ضحية ابتزاز، أو تطرف، أو انحراف، أو استغلال من شبكات أخطر مما يتخيله البعض” .
وأشار اللواء أشرف عبد العزيز، إلي أن أخطر تهديد يواجه الأطفال الآن ليس في الشارع فقط، بل في الهاتف الذي نحمله جميعًا.. منصات مفتوحة، محتوى بلا رقابة، حسابات وهمية تستهدف الفضول، وتطبيقات تُنشئ علاقة مباشرة بين الطفل ومجهول قد يكون مجرمًا محترفًا.
والجدير بالذكر أن الدولة تبذل جهدًا كبيرًا، لكن الدور الأكبر يقع على الأسرة أن تفهم طبيعة المخاطر الرقمية، وأن تراقب دون قمع، وأن تُحصّن أطفالها بالوعي قبل الحظر، وأن تتعاون مع الجهات المختصة عند ظهور أي تهديد، الأمن يبدأ من البيت.. والدولة تكمله، وحماية الأطفال ليست خيارًا، بل خط الدفاع الأول عن مستقبل المجتمع.
تحليل علمي دقيق – سبب وعلاج
تشير الدراسات النفسية إلى أن تحرّش بعض العاملين داخل المدارس ينشأ غالبًا من اضطراب في التحكم بالغرائز ووجود ميول انحرافية غير معالَجة، تتزامن مع ضعف الوازع الأخلاقي وغياب الإشراف المؤسسي. الجاني عادة يملك شخصية تحمل سمات انعدام التعاطف واعتقادًا بأنه في “منطقة آمنة” بسبب الثقة الزائدة التي تمنحها له بيئة العمل، خاصة إذا كانت المدرسة تفتقر إلى الرقابة، والفحص النفسي المسبق، والتدريب السلوكي للعاملين.
أما العلاج فيقوم على محورين:
أولًا: علاج الجاني نفسيًا وقانونيًا عبر تقييم متخصص، وعلاج سلوكي معرفي للميول المنحرفة، مع تطبيق العقوبة الرادعة التي تمنع التكرار.
ثانيًا: الوقاية المؤسسية من خلال: اختيار العمالة بعد فحص نفسي وأمني، تدريب مستمر على التعامل الآمن مع الأطفال، تعزيز وجود الكاميرات والمناطق المكشوفة، وتطبيق إجراءات صارمة تمنع أي خلوة بين العامل والطفل.
بهذا التكامل بين العلاج الفردي والوقاية المؤسسية يمكن سدّ الفجوة التي تسمح بظهور هذه الجرائم داخل المدارس
زر الذهاب إلى الأعلى