أخبار

 أطفالنا فى مرمى الخيانة.. من يحرس أبناءنا ؟.. جرائم تهز المدارس وتكسر وهم الأمان

لم يعد السؤال المطروح اليوم كيف وقعت الجريمة؟.. بل السؤال الأخطر كم جريمة وقعت ولم نرها ؟
لواء أشرف عبدالعزيز: حين يتحول التقصير الإداري إلى تهديد مجتمعي
د. إيناس عبدالعزيز:   الجريمة لا تولد فجأة.. بل تنمو في الصمت
متابعة: مروان محمد
خلال شهور قليلة، تصدرت قضايا الاعتداء على الأطفال داخل المدارس والأكاديميات الخاصة عناوين الأخبار في القاهرة، الإسكندرية، المنصورة، وقبلها قضية مدرسة “سيدز”.. وقائع مختلفة في التفاصيل… متشابهة في الجوهر، الجاني من الداخل، والضحية طفل، والرقابة غائبة أو متأخرة.
الطفل في مرمى الخيانة.. جرائم تتكرر داخل أسوار التعليم
مدرسة يُفترض أنها مساحة أمان.. أكاديمية رياضية يُفترض أنها تربي قبل أن تُدرّب.. لكن الوقائع الأخيرة كشفت أن بعض هذه الأماكن تحولت – في لحظات – إلى مساحات خطر.
في المنصورة، بلاغات أولياء الأمور كشفت عن مدرب استغل ثقة الأطفال وأسرهم، وبدأ تواصلاً سريًا مع صغار لم يتجاوزوا 11 عامًا، محاولًا دفعهم لتجاوز حدودهم النفسية والجسدية مقابل مبالغ مالية زهيدة.
في الإسكندرية، عامل مدرسة خاصة ارتكب جريمة هزّت المجتمع، وانتهت بإحالة أوراقه إلى المفتي تمهيدًا للحكم بالإعدام، بعد ثبوت اعتدائه على أطفال داخل المؤسسة التعليمية نفسها.
وفي القاهرة، لا تزال التحقيقات جارية في قضية “سيدز”، مع توسّع دائرة الاتهام وظهور معطيات مقلقة عن تورط عناصر من داخل المدرسة.
القاسم المشترك.. الطفل لم يُخطف من شارع مظلم.. بل كان في مكان يفترض أنه آمن.
مدارس بلا رقابة.. وأطفال يدفعون الثمن
الوقائع تطرح حقيقة مؤلمة.. الرقابة في بعض المؤسسات التعليمية إجرائية على الورق فقط.” لا فحص نفسي حقيقي للعاملين – لا متابعة سلوكية مستمرة- لا سياسات واضحة لمنع الخلوة أو التواصل الفردي- ولا آليات آمنة تُمكّن الطفل من الشكوى دون خوف”.. هنا لا نتحدث عن إهمال بسيط، بل عن ثغرات ممنهجة تسمح بتكرار الجريمة قبل اكتشافها.
لواء أشرف عبدالعزيز: حين يتحول التقصير الإداري إلى تهديد مجتمعي
اللواء أشرف عبد العزيز
قال اللواء أشرف عبدالعزيز الخبير الأمني والاستراتيجي: “تكرار هذه الجرائم لا يعني أننا أمام أفراد منحرفين فقط، بل أمام خلل في منظومة الحماية. الجريمة داخل المدرسة أخطر من أي جريمة شارع، لأنها تهدم الثقة وتضرب مستقبل المجتمع.”
وأضاف: “حين يصمت المسؤول، ويفشل في الرقابة، يصبح التقصير شريكًا غير مباشر في الجريمة. الردع الحقيقي يبدأ من المحاسبة الإدارية قبل الجنائية.”
وأكد اللواء أشرف عبد العزيز، أن أي مؤسسة تعمل مع الأطفال دون منظومة رقابة صارمة، واختيار دقيق للعاملين، وتدخل فوري عند أول إشارة خطر، تمثل نقطة ضعف أمنية للمجتمع كله.
د. إيناس عبدالعزيز:   الجريمة لا تولد فجأة.. بل تنمو في الصمت
من جانبها، ترى د. إيناس عبدالعزيز خبيرة الأمن الرقمى ، أن أخطر ما في هذه القضايا هو ثقافة الإنكار.
وقالت: “الجاني يختبر الحدود أولًا. حين لا يجد رد فعل، يتمادى. الصمت الإداري، والخوف على السمعة، ودفن الرأس في الرمال… هي البيئة المثالية لتكرار الجريمة.”
وشددت خبيرة الأمن الرقمى، على أن المواجهة الحقيقية ليست بيانات بعد الواقعة، بل فحص نفسي وسلوكي حقيقي لكل من يعمل مع الأطفال وتدريب إلزامي على أخلاقيات التعامل وتعليم الطفل الدفاع عن نفسه والبلاغ دون خوف وسياسة صفر تسامح مع أي تجاوز.
وأضافت: “المجتمع الذي لا يصدّق أطفاله، يدفعهم للصمت… والصمت هو أخطر شريك للجريمة.”
وتابعت  د. إيناس عبدالعزيز قائلة: ” لم يعد الخطر بعيدًا، ولا قادمًا من شوارع مظلمة كما نحب أن نُقنع أنفسنا.. الخطر اليوم قريب، صامت، ومتخفٍ.. قد يكون داخل مدرسة، أكاديمية، حافلة، أو حتى في مكان نظنه الأكثر أمانًا على أبنائنا” .
وأشارت د. إيناس عبدالعزيز، إلي أن الحقيقة الصادمة التي يجب أن نواجهها بشجاعة وهو معظم الأطفال لا يُخبرون بما يتعرضون ل إلا بعد أن ينهاروا، مؤكدة بأننا لا نعيش زمن الخوف نعيش زمن المواجهة الواعية.
ونوهت د. إيناس عبدالعزيز، إلي أنى من ينقذ أبناءنا اليوم ينقذ المجتمع غدًا، مشيرة إلي أن علم النفس يجيب بوضوح ، حيث أن الطفل ضعيف ويثق بسهولة ويخاف من العقاب.
وأكملت د. إيناس عبدالعزيز حديثها، بأن المؤسسة تمنح الجاني سلطة وشعورًا بالأمان وغياب الرقابة يخلق وهم الإفلات.
وأكدت د. إيناس عبدالعزيز أن الجاني لا يختار المكان عشوائيًا بل حيث تقل المقاومة ويغيب الرقيب لا يوجد معتدٍ يظهر فجأة، موضحة بأن الجريمة تمر بمراحل وهي : ” اختبار، تجاوز حدود، صمت إداري، ثم اعتداء. حين لا يُكسر هذا المسار مبكرًا، تتحول الجريمة إلى نمط.”
كما أكدت خبيرة الأمن الرقمى، أن المواجهة الحقيقية سلوكية وتنظيمية وردعية، وليست شعارات:
•فحص نفسي وسلوكي حقيقي لكل من يعمل مع الأطفال.
•منع أي خلوة غير مبررة.
•تدريب الأطفال على قول “لا” والإبلاغ دون خوف.
•سياسات صفر تسامح داخل المؤسسات.
وحذرت د. إيناس، من ثقافة “الستر خوفًا على السمعة”، مؤكدة أن السكوت شراكة غير مباشرة في الجريمة، مشيرة إلي أن الأمن الحقيقي يبدأ من حماية الطفل، موذحة بأن أي مؤسسة تعليمية لا تملك نظام رقابة صارم، ومساءلة فورية، واختيارًا دقيقًا للعاملين، تتحول دون قصد إلى بيئة خطر .
حين يصمت المسؤولون.. ويتكلم الضحايا
في معظم القضايا، لم تُكتشف الجرائم عبر رقابة مؤسسية، بل عبر تغيّر سلوك الطفل وقلق الأسرة وشجاعة ولي أمر قرر الإبلاغ.
وهنا تتجلى المأساة فالطفل يتكلم متأخرًا بعد أن يكون الأذى قد وقع.
هل نحن أمام وباء صامت؟
تكرار الوقائع، وتشابه السيناريوهات، وتنوع الأماكن، يدفع إلى سؤال لا يمكن تجاهله: هل نحن أمام ظاهرة تتسع بصمت ؟ .
الإجابة لا تحتاج إلى تهويل، بل إلى شجاعة في الاعتراف: نعم، هناك خطر حقيقي ونعم، المواجهة تأخرت.
حان وقت التحرك.. قبل فوات الأوان
ما يحدث اليوم ليس ذعرًا إعلاميًا، بل ناقوس خطر ، والحل لا يكون بالصمت، ولا بالبيانات المهدئة، بل بتحرك عاجل من الدولة بكافة مؤسساتها واتخاذ إجراءات حاسمة كالأتي:
•تشديد الرقابة على المدارس والأكاديميات الخاصة.
•مساءلة إدارات المؤسسات قبل الأفراد فقط.
•دعم الأطفال نفسيًا وتشجيعهم على الإبلاغ.
•إعلام مسؤول يكشف ولا يخشى.
الخاتمة .. الأطفال لا يملكون رفاهية الانتظار .. والمجتمع لا يحتمل مزيدًا من الصدمات.
السؤال الذي يجب أن يظل حاضرًا: من يحرس أبناءنا… إذا كان الخطر أحيانًا من الداخل؟.. الصمت لم يعد خيارًا.. والمواجهة تحل المشكلة .
زر الذهاب إلى الأعلى